الأربعاء، فبراير ٠٨، ٢٠٠٦

إسقاط القروض وأعمال القرود


يقال باللغة الإنكليزية Monkey Business أو أعمال القرود وهي كناية عن المشاكسة السخيفة التي لا نفع منها. وقبل أن يتبادر ذهنكم لأي شئ آخر، فأنا أبعد ما أكون عن نظرية النشوء والارتقاء للعم "دارون"، لكن الحال الآن تتماهي وبصدق مع هذا التعبير.
أعلم أني قد أخسر نصف قرائي أو اكثر جراء هذه المقالة، لكننا استنفذنا -نحن الكويتيين- كل الحيل والمشاكسات من أجل إسقاط القروض حتى صار إعادة طرح الأمر نكتة سمجة لا يجوز لها أن تصنف إلا ضمن "أعمال القرود."


علينا أن ننتقل من ذهنية توزيع الثروة إلى ذهنية تصنيع الثروة. فرغم النفي الرسمي لما جاء في نشرة Petroleum Intelligence القائل بأن الاحتياطي النفطي الكويتي الحقيقي هو نصف الاحتياطي المعلن، فإننا لا نحتاج إلى تقارير مثل هذه كي نوقن أن الركون للنفط والعيش في ثقافة دولة الرفاه أمر خطير. والأخطر هو حقيقة أن العالم ما عاد مستعدا للاعتماد على النفط ذي الأسعار المتأرجحة، سواء تحت حجة الحفاظ على البيئة أو تحت الحجج الواقعية وهي اقتصادية واستراتيجية بشكل رئيسي، فلا توجد دولة في العالم تحب أن تكون رهينة لدول أخرى في عصب يسير حياتها. وهذه من حقائق الحياة المفروغ منها.


دعونا نتصارح هنا. إحصائيا، معدل المديونية تضاعف في الكويت ثلاث مرات خلال خمس سنوات. ألا يعكس هذا برأيكم عدم رشادة استهلاكية استشرت إلى حد مفجع بينننا؟

في الكويت، نقترض من أجل أمور لا نطيقها لولا وجود نظام الاقتراض، وفي سوادها الأعظم أمور كمالية، صرنا نراها ضرورية مجتمعيا، لأن "الشي لزوم الشيء."

ثم ما ذنب من لم يقترض -ليس إيسارا وثراء بالضرورة بل تعقلا وترفعا عن الوقع في دوامة المراباة المباشرة أو غير المباشرة- ما ذنبه في أن لا يحصل على شيء؟ وهل يعقل أن نساوي بين من اقترض لرفاهيات اجتماعية ممجوجة وبين من اقترض لدواعي التطبب أو السكنى أو لبدء مشروع تجاري رائد مثلا؟

نعم للتطوير وتحسين الخدمات، نعم لمكافأة المجدين والقضاء على البطالة بنوعيها، نعم لردم الهوة الثقافية والهوة التكنولوجية، نعم لنشر المعارف، نعم للقضاء على الوساطات. لا لإسقاط القروض.

فإسقاطها لن يزيد إلا من شهيّة الكويتيين للاقتراض الاستهلاكي، واسمتراء الاستمرار في طرح الموضوع يجعلنا نظهر بشكل مخجل ونحن نمارس "أعمال القرود."

التسميات: