السبت، فبراير ١٨، ٢٠٠٦

بنات الرياض: نسخة مُخلجنة من روايات عبير!



لم أكن أنوي أن أنتهك حقوق الملكية الفكرية عندما حصلت على ملف رواية "بنات الرياض" من موقع تطوّع بتوفير الرواية كاملة لرواد الإنترنت. كنت أنوي فقط أن أتخذ قرار صائبا؛ هل أبتاع الرواية أم لا.

لم تكن سوى ساعات وكنت قد أنهيت الرواية كلها وفي صدري -رغم بعض الشعور بالذنب- شكر عميق لمن وفّر الملف، فهذه الدنانير القليلة كانت حتما ستلعنني إن اشتريت بها تلكم الرواية.


سمعت جعجعة كثيرة، وقرأت بحثا عن الطحن، ولم أجد. الرواية لا تختلف كثيرا عن روايات عبير التي تخبئها الفتيات تحت السرير والتي شاعت في أوائل التسعينات إلى أن جاءت الإنترنت لتجلب الكساد إلى سوقها. الفارق الوحيد هو أن بنات الرياض نسخة "مخلجنة" أو "مُسعوَّدة" من روايات عبير المترجمة عن الإنكليزية أصلا.

قد يكون هدف الكاتبة نبيلا وهو أن تكشف قبح المجتمع وازدواجيته وهذا أمر محمود لا نملك إلا أن نصفّق له إذا جاء بالأسلوب الصحيح. لكن الأسلوب الذي كتبت به الرواية أسلوب تطبيعي لا يحمل أي صفة استنكار، كالمخرج الذي يملأ فيلمه بمشاهد الليالي الحمراء والملاهي الليلة وإذا سمع احتجاجا صاح: إني أحاول أن أبيّن لكم أن في المجتمع رذائل كثيرة.

نعم لتعرية المجتمع، لكن ثمة خط ضئيل بين تعرية المجتمع وبين تعرية الأجساد. الرواية تدخل في تفاصيل كثيرة تجتذب الشهوانية أكثر من اجتذابها للوعي المنتقد لرزايا لمجتمع. إليكم هذه العبارات: "الدفع الأمامي أم الدفع الخلفي"، قميص النوم الأسود الشفاف"، "ارتدت قميص نومها السكري"، "تتخيل فيصل الليلة مع العروس ..."، "تمسح فخذيها وقدميها بمزيج مبيّض."


أجادت الكاتبة حين أمسكت بناصية الازدواجية، لكنها أخفقت حين حوّلت الرواية إلى ثرثرات من الفئة التي تعجب المراهقين إيّاهم. قد يقول البعض أن بداية كل فصل مدججة بمثل أو بآية قرآنية أو حديث شريف ينتقد الأخطاء المجتمعية. أقول وما فائدة جملة أو جملتين أمام طوفان من العبارات التي تبرز هنا وهناك وسرد للقبح المجتمعي بشكل يجعل الأمر يبدو متفشيا لدرجة أن نعتبره "عاديا"؟

مثلا، ليس من المعقول أن ننتج روايات تصوّر الأشرار على أنهم المنتصرين دائما وإلا لكنّا بهذه الحالة نحّض على الشر، وليس المعقول أو المنطقي أيضا أن ننتج روايات تصّور الخير منتصرا في النهاية دوما لأن هذا غير واقعي. الأديب "الشاطر" هو من يصوّر لك الواقع-وهو أن الشرير كثيرا ما ينتصر في النهاية- لكنك تخرج من الرواية وأنت تفيض كرها وقرفا من هذه الشرير. هذه هو الفارق بين الأديب الحقيقي وبين الهاوي.

على جانب آخر، كم كانت مبتذلة محاولات "مسح الجوج" المدسوسة في الكتاب ابتداء بحشر الكاتبة لدار الساقي -التي نشرت لها الكتاب- في سياق أحداث الرواية وانتهاء بتلميحها في الرواية عن رغبتها أن يستضفها تركي الدخيل في برنامجه "إضاءات" وهو ما حدث فعلا بعد نشر الرواية. هل يندرج هذا في نظام "نفّع واستنفع" أم سيقول البعض أنه "ذكاء اجتماعي" فقط لا غير؟!

على مستوى البناء، تشكيل الكتاب بأسلوب الرسائل الإلكترونية مبتكر، وإيجاد حبكتين أيضا أمر لافت؛ حبكة جانبية لتطور موضوع الرسائل الإلكترونية وحبكة رئيسيّة لقصة البنات الأربع ومحيطهن. الفصول قصيرة وهذا يناسب قارئ اليوم الذي بات قصير النفس، قصير أمد الذاكرة.

نأتي للغة، وأقل ما يقال أن الكتاب مذبحة لغوية، ومن الناشر؟ دار الساقي المعروفة برصانتها! الكتاب مليء بالعامية المحكية، ومليء أيضا بالإنكليزية المكتوبة بأحرف عربية وهذه كارثة تطبيعية تشرعن لكتابة الإجنبية بأحرف عربية. "سو فالقر" وقصد الكاتبة So vulgar و "بت آي دونت قت وات يومين" وقصد الكاتبة But I don't get what you mean. ولا أدري هل أضحك أم أبكي. فهل ستقول لنا الكاتبة أنها استخدمت العاميّة لتبين لنا كم هي -العاميّة- قبيحة مثلا؟

لا أريد أن أكون وطنية حيث لا تجوز الوطنية، ولكن "أم نوير" الشخصية الكويتية الوحيدة في الرواية وأم الابن الشاذ جنسيا تقوم بدور تسهيل مهام العاشقين جاعلة بيتها في خدمتهم، فهل صار الكويتيون الآن رمزا لما فهمته وفهمتموه بحجة أن أم نوير حريصة ألا تسمح للعشاق أن يتعدوا حدودهم؟ هل تتبع رجاء الصانع خطوات غازي القصيبي في رواية "شقة الحرية" والصورة التي رسمها للمرأة الكويتيّة؟


باختصار، لا نطالب الكاتبة بأن تقدّم لنا حلولا لزيف المجتمع وقبحه فهي لم تدعِ أنها مصلحة اجتماعية، لكن يحق لنا أن نطالبها بأن يكون ما تدعي هي أنه كشف لقبح المجتمع أن يكون فعلا كذلك وليس إيغالا في تفاصيل هذه القبح حتى تغدو طبيعية ومتكررة ومسموح بها فقط لأن البلوى عمّت وصار شيئا عاديّا.

التسميات:

2 Comments:

At الأربعاء, ٢٢ فبراير, ٢٠٠٦, Blogger Unknown said...

تدرين احلى بوست او تحليل للروايه قريته عندك
من جد ومن دون مبالغه ..
انا اللي نرفزني الكتابه بالانقليزي وحروف عربي .. ما ادري وصلنا لأي مستوى عشان يتجرأ احد ويكتب روايه بهالطريقه

 
At الأربعاء, ٢٤ مايو, ٢٠٠٦, Blogger Raed said...

لم أقرأ الرواية بعدج لقناعتي إنها في حقيقتها نسخ من Sex and the city وهو مسلسل تلفزيوني يدور حول أربع نسوة الفرق الوحيد أن كتاب المسلسل لم يريد كشف الستار ولا إسقاط الثمار

ولا زال ردي لكل من يسأل هل ستقرأها ؟ أحسبني فاعلاً هذا إن انتهيت من جميع الأدب العالمي. عندهل فقط سأقرأ تلكم الرواية

 

إرسال تعليق

<< Home